04‏/09‏/2011

سيحينُ دوري ،!




رأيته حزيناً يجلس في زاوية تلك الزنزانة وقد نال التعذيب من جسده النحيل , كانت بداية قصته في ذلك الصباح المشرق قبل شهرين تقريباً ,, استيقظ على صوت ابنه الصغير وهو يداعب وجهه وقال له :

* ( بابا يلا قووم بدنا نروح المشوار) *

أجابه بضحكة ترتسم على شفاهه :

 * ( يلا بابا شوي وبقوم ) *

صوت الطفل كان مبتهجاً جدّا فهو سيذهب في رحلة قصيرة في شوارع المدينة ,,

تجهز الأب وابنه  للخروج ,, و انطلقوا في رحلتهم التي لا يدري أحد إن كانوا سيعودون منها أم لا !!

الطفل يلعب ويضحك ويجري * (بابا اشتريلي أشياء زاكية ) * قال الطفل

*(ماشي بابا يلا نروح نشتري) * كانت إجابة الأب سريعة ومباشرة

للأسف لم يكونوا يعلموا أن قوات الاحتلال اقتحمت المكان الذي سيذهبون إليه ,, دخلوا شارعاً معوجاً ضيّقاً ,, كانت الحجارة متناثرة على الطرقات ,, لم ينتبهوا لهذا بسبب ابتهاجهم وأكملوا طريقهم

فجأة !! تعالت أصوات الناس ,, * في جيش ارجعو بسرعة الوضع بالمرة * أصيب الأب بصدمة .. أين !! فهو لا يرى شيئاً ,, كانوا يختبئون وراء أحدى العمارات وخلف حاويات القمامة يحتموا فيها !! فهذه هي مستوياتهم

لم يكن منه إلا أن حمل طفله الصغير وركض بكل ما يملك من قوة , إلا أن طلقات الاحتلال كانت اسرع منه , فباغته بطلقة انهالت على صدر طفلة لتتحول رحلته الصغيرة إلى رحلة في الجنة .

جنّ جنون الأب لم يكن منه إلا أن وضع الطفل جانباً وأصبح يقذف جنود الاحتلال بالحجارة والصخور بلا وعي
حجارة تتناثر فوق رؤوس أولئك الجبناء , وأسلحة ثقيلة في أيديهم

رأس يطل من وراء حاوية القمامة , أصابه الأب إصابة مباشرة في عينه , ذُعر الجميع , وأطلقوا عليه الرصاص !!

اخترق جسده أيضاً ولكنه لم يلحقه بطفله الحبيب ,, انهالوا عليه ضرباً , ثم أخذوه لاحتجازه .

عالجه بعض الأطباء بكل استهزاء , وحتى لم يعطوه مخدراً للألم , نام بعد ذلك , ثم استيقظ ليجد نفسه بين أربعة قضبان !! وكأنه كان في حلم , صرخ في أعلى صوته * وين ابني والله لأموتكم بدي ابني رجعولي ياه *

سمعه أحد الحراس , جاء اليه وخاطبة بكل كره * ابنك مات خلاص انساه *

صرخ الأب مرات ومرات وأراد أن يخترق تلك الجدران ليصل إلى  اولئك الجنود ويقطعهم ارباً !!

تركوه شهراً مرمياً في العتمة , في زنزانة ضيقة , ولا يرى النور فيها .

كانت تلك فترة كافية ليجلس مع نفسه فيها ويفكر فيما أحدث , أقنع نفسه بأن ذلك قضاء الله وقدره , وأن الجميع في فلسطين معرضون لما تعرض له !!

أخيراً فتح الباب أحد الحراس قال له * انت تعال معي شوي بدنا نخليك تفرفش شوي *

سحبوه بكل قوة ,, كانوا يريدون أن يستمتعوا بتعذيبه , مارسوا عليه كل أنواع التعذيب , وكانوا يركزون على مكان إصابته بالرصاص !!

أعادوه إلى زنزانته بعد ذلك , رماه الحارس على الأرض , ساعد نفسه لكي يجلس بشكل صحيح , رآني أمامه , أنظر إليه بكل خوف وحب وثقة , فأنا أشاركه زنزانته منذ يومين , لم أنطق بأي كلمة , فأنا أعلم أن ما حلّ به سيكون مصيري بعد أيام !!


  • هذا من بعض ما يحدث على هذه الأرض الطاهرة فلسطين *

بقلمي : زهرة اللوتس
7:05 pm
17\2\2010

0 التعليقات:

إرسال تعليق